Monday, September 26, 2011

نص شهادة المشير طنطاوى في محاكمة مبارك

لا لحظر النشر.... دي ثورة مش فيلم سكس... يعني الشعب لازم يعرف كل حاجة......

نص المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ف قضية قتل المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير المتهم فيها : الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، ونجليه علاء وجمال، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، و6 من كبار مساعديه




س١ : حصل اجتماع يوم 22 يناير، هل ورد إلي رئيس الجمهورية السابق ما دار في هذا الاجتماع وما أسفر عنه وما كان مردوده ؟




ج1 : الاجتماع كان برئاسة رئيس الوزراء واعتقد أننه بلغ


س2 : بداية من أحداث 25 يناير وحتي 11 فبراير هل تم اجتماع بينك وبين الرئيس السابق حسني مبارك ؟



ج2 : ليست اجتماعات مباشرة ولكن يوم 28 يناير لما أخذنا الأمر من السيد رئيس الجمهورية كان هناك اتصالات بيني وبين السيد الرئيس ؟



س3: ما الذي أبداه رئيس الجمهورية في هذه اللقاءءات ؟



ج3: اللقاءات بيننا كانت تتم لمعرفة موقف القوات المسلحة خاصة يوم 28 وعندما كلفت القوات المسلحة للنزول للبلد ومساعدة الشرطة لتنفيذ مهامها


ج٣-2: كان هناك تخطيط مسبق للقوات المسلحة وهذا التخطيط يهدف لنزول القوات المسلحة مع الشرطة وهذه الخطة تتدرب عليها القوات المسلحة



ج٣-3: القوات المسلحة بتنزل لما الشرطة بتكون محتاجة المساعدة وعدم قدرتها علي تنفيذ مهامها وأعطي الرئيس الأمر لقائد القوات المسلحة



س4 : هل وجه رئيس الجمهورية السابق المتهم محمد حسني مبارك أوامر إلي وزير الداخلية حبيب العادلي باستعمال قوات الشرطة القوة ضد المتظاهرين؟



ج٣-4 : أعطي الرئيس الأمر لقائد القوات المسلحة اللي هي نزول القوات المسلحة لتأمين المنشآت الحيوية وهذا ما حدث



س٤-2: استعمال قوات الشرطة القوة ضد المتزاهرين بما فيها استخدام الاسلحة الخرطوش والنارية من 25 يناير حتي 28 يناير ؟



ج4 : ليس لدي معلومات عن هذا واعتقد ان هذا لم يحدث



س5 : هل ترك رئيس الجمهورية السابق للمتهمين المذكورين من أساليب لمواجهة الموقف ؟



ج5 : ليس لدي معلومات



س6: هل ورد أو وصل إلي علم سيادتك معلومات أو تقارير عن كيفية معاملة رجال الشرطة ؟



ج6 : هذا ما يخص الشرطة وتدريبها ولكني أعلم ان فض المظاهرات بدون استخدام النيران



س7 : هل رصدت الجهات المعنية بالقوات المسلحة وجود قناصة استعانت بها قوات الشرطة في الأحداث التي جرت؟



ج7 : ليس لدي معلومات


س8 : تبين من التحقيقات إصابة ووفاة العديد من المتظاهرين بطلقات خرطوش أحدثت إصابات ووفيات..هل وصل ذلك الأمر لعلم سيادتك وبم تفسر ؟



ج8: إنا معنديش معلومات بكده.. الاحتمالات كتير لكن مفيش معلومة عندي



س9 : هل تعد قوات الشرطة بمفردها هي المسئولة دون غيرها عن إحداث إصابات ووفيات بعض المتظاهرين ؟



ج9 : إنا معرفش ايه اللي حصل

س10 : هل تستطيع سيادتك تحديد هل كانت هناك عناصر أخري تدخلت ؟



ج10 : هيا معلومات غير مؤكدة بس اعتقد ان هناك عناصر تدخلت



س11 : وما هي تلك العناصر ؟



ج11 : ممكن تكون عناصر خارجة عن القانون



س12 : هل ورد لمعلومات سيادتك ان هناك عناصر اجنبية قد تدخلت ؟



ج12 : ليس لدي معلومات مؤكدة ولكن ده احتمال موجود

س13 : وعلي وجه العموم هل يتدخل الرئيس وفقا لسلطته في ان يحافظ علي أمن وسلامة الوطن في إصدار أوامر أو تكليفات في كيفية التعامل ؟



ج13 : رئيس الجمهورية ممكن يكون أصدر أوامر - طبعا من حقه ولكن كل شئ له تقييده المسبق وكل واحد عارف مهامه



س14: ولمن يصدر رئيس الجمهورية علي وجه العموم هذه الأوامر ؟



ج 14 : التكليفات معروف مين ينفذها ولكن من الممكن ان رئيس الجمهورية يعطي تكليفات مفيش شك



س15 : وهل يجب قطعا علي من تلقي أمر تنفيذه مهما كانت العواقب ؟



ج15 : طبعا يتم النقاش والمنفذ يتناقش مع رئيس الجمهورية وإذا كانت الأوامر مصيرية لازم يناقشه



س16: هل يعد رئيس الجمهورية السابق المتهم محمد حسني مبارك مسئول مسئولية مباشرة أو منفردة مع من نفذ أمر التعامل مع ألمتظاهرين الصادر منه شخصيا?



ج16 : إذا كان أصدر هذا الأمر وهو التعامل باستخدام النيران أنا اعتقد ان المسئولية تكون مشتركة وأنا معرفش ان كان أعطي هذا الأمر أم لا



س17: وهل تعلم ان رئيس الجمهورية السابق كان علي علم من مصادره بقتل المتظاهرين ؟



ج17: يسأل في ذلك مساعديه الذين ابلغوه هل هو علي علم أم لا


س18: وهل تعلم سيادتكم ان رئيس الجمهورية السابق قد تدخل بأي صورة كانت لوقف نزيف المصابين ؟



ج18 : اعتقد انه تدخل وأعطي قرار بالتحقيق فيما حدث وعملية القتل وطلب تقرير وهذه معلومات




س19: هل تستطيع علي سبيل القطع والجزم واليقين تحديد مدي مسئولية رئيس الجمهورية السابق عن التداعيات التي أدت إلي إصابة وقتل المتظاهرين ؟



ج19 : هذه مسئولية جهات التحقيق



س20: هل يحق وفقا لخبرة سيادتكم ان يتخذ وزير الداخلية وعلي وجه العموم ما يراه هو منفردا من اجراءات ووسائل وخطط لمواجهة التظاهرات دون العرض علي رئيس الجمهورية؟



ج20: اتخاذ الاجراءات تكون مخططة ومعروف لدي الكل في وزارة الداخلية ولكن في جميع الحالات يعطيه خبر بما يخص المظاهرات ولكن التظاهر وفضه ولكن التظاهر وفضه هي خطة وتدريب موجود في وزارة الداخلية




س21 : وهل اتخذ حبيب العادلي قرار مواجهة التظاهر بما نجم عنه من إصابات ووفيات بمفرده بمساعدة المتهمين الاخرين في الدعوى المنظورة وذلك من منظور ما وصل لعلم سيادتك ؟



ج 21 : معنديش علم بذلك



س22 : علي فرض إذا ما وصلك تداعيات التظاهرات يوم 28 يناير إلي استخدام قوات الشرطة آليات مثل اطلاق مقذوفات نارية أو استخدام السيارت لدهس سيارات لدهس المتظاهرين..هل كان أمر استعمالها يصدر من حبيب العادلى يصدر من حبيب العادلى ومساعديه بمفردهم ؟



ج 22 : ما أقدرش أحدد اللي حصل أيه ولكن ممكن هو اللى اتخذها وأنا ما أعرفش واللى اتخذها مسئول عنها



س23: هل يصدق القول تحديداً وبما لا يدع مجالاً للشك أو الريبة أن رئيس الجمهورية السابق لا يعلم شيئاً أو معلومات أيا كانت عن تعامل الشرطة بمختلف قواتها أو أنه لم يوجه إلى الأول سمة أوامر أو تعليمات بشأن التعامل والغرض أنه هو الموكل إليه شئون مصر والحفاظ على أمنها ؟



ج23 : أنا ما أعرفش اللى حصل أيه لكن أعتقد إن وزير الداخلية بيبلغ وممكن ما يكونش مش عارف بس أنا ما أعرفش

س24 : هل هناك اصابات أو وفيات لضباط الجيش ؟



ج 24 : نعم هناك شهداء


س25 : هل تعاون وزير الداخلية مع القوات المسلحة لتأمين المظاهرات ؟



ج 25 : لأ



س26 : هل أبلغت بفقد ذخائر خاصة بالقوات المسلحة؟



ج26: مفيش حاجة ضاعت لكن هناك بعض الخسائر في المعدات واتصلحت ومفيش مشكلة




س27: هل أبلغت بدخول عناصر من حماس أو حزب الله عبر الأنفاق أو غيرها لإحداث إضرابات ؟



ج27 : هذا الموضوع لم يحدث أثناء المظاهرات واحنا بنقاوم الموضوع ده واللي بنكتشفه بندمره وإذا كان فيه حد محول لمحكمة فهذا ليس أثناء المظاهرات



س28: هل تم القبض على عناصر أجنبية في ميدان التحرير وتم إحالتهم للنيابة العسكرية ؟



ج28: لا ..لم يتم القاء القبض على أى أحد




س29: فى الاجتماع الذي تم يوم 20 يناير هل تم اتخاذ قرار بقطع الاتصالات؟



ج29 : لم يحدث




س30: بعض اللواءات قالوا طلب منا فض المظاهرات بالقوة..هل طلب من القوات المسلحة التدخل لذلك ؟



ج30: أنا قلت فى كلية الشرطة في تخريج الدفعة إن أنا بأقول للتاريخ إن أي أحد من القوات المسلحة لن يستخدم النيران ضد الشعب

-------------------------------

 انتهت الشهادة و لكن لي تعليق واحد و هو ان في الرسالة 52 للمجلس الأعلى و الخاصة بما قاله المشير في كلية الشرطة (اجابة سؤال 30) اكد انهم "رفضوا" و الرفض لا يكون إلا لأمر و بالتالي مين الي اعطى الأمر و ليه المشير غير كلامه؟ الرسالة 52 تحت للي عايز يقراها و حسبي الله و نعم الوكيل.......  











Tuesday, October 27, 2009

حضن جبل

كان يوماً شبه مشمساً، يوم من تلك الأيام التي تظهر فيها الشمس حيناً ثم تختفي أحياناً أخرى خلف السحب المتناثرة. تلك السحب المتناثرة التي تتراوح ألوانها بين الأبيض الناصع البياض و الرمادي الداكن المنذر بقدوم الغيث. و على السواء بيضاء كانت أم رمادية كانت السحب كثيفة و ذات أشكال عشوائية و كلها تتسابق في أن تُخفي الشمس خلفها فتخلق عن دون قصد إضاءة هادئة لا تُضطر معها أن ترخي جفونك كي تتجنب أشعة الشمس المباشرة.


كنت متأخراً على الميعاد المتفق عليه بالرغم من قيامي مبكراً و كان لابد أن أُسرع و أتحرك من منزلي الواقع على أحد التلال الثلاثة التي تحد مدينة تونس من الشمال و تحديداً كان منزلي أعلى تلة "قمرت" التي تجاور تلتي "سيدي بوسعيد" و "قرطاج" و يطلون مجتمعين على البحر من ناحبة و على المدينة الممتدة بطول الوادي من الناحية الأخرى.انطلقت بالسيارة نحو وسط البلد حيث مكان اللقاء المتفق عليه بجانب فندق "أبي نواس" و قد تعودت كل يوم عند الخروج من البيت على إلقاء نظرة سريعة على البحر كي أتابع تغير لونه على حسب تغير لون السماء و أحوالها. كانت تلك السحب المبعثرة قد استطاعت أن ترسم على البحر الهادئة طباعه لوحة مكونة من مساحات من الأزرق الشديد القتامة و مساحات أخرى من اللون المرمري الشفاف الذي يكاد يكشف عورة الرمال تحت صفحته، طبعت تلك اللوحة أثرها في نفسي على مهل قبل أن أدرك أني لابد أن أسرع إن كنت أريد أن أصل قبل ميعاد التحرك.

يوم الأحد صباحا تكون الطرق شبه خالية من السيارات و قد ساعدني ذلك في طي الطريق بين الدار و شارع محمد الخامس حيث الفندق في حوالي ربع الساعة. توجهت إلى المرفأ حيث وجدت بقية المجموعة و قد وقفوا إلى جانب سياراتهم يتكلمون و يتناقشون في ترتيبات بقية اليوم. لم أكد أترجل من السيارة حتى أقبلت عليَ و في عينيها نظرة حاسمة لكن حنونة...

- هل كان الحلم ممتعاً؟

- أي حلم؟

- الذي أخر صحيانك

- لم يكن الحلم الذي أخرني

- ماذا كان إذن؟

- البحر المتغيرة أحواله

- عذر أقبح من ذنب

- و لكنني لست آخر الحاضرين فرأيسة المجموعة نفسها لم تصل بعد

- و هل يعفيك هذا؟

- لازلت مذنبا إذن!

- و لكنك المذنب المفضل إليَ

ابتسمت عيناها قليلا و بادلتها الابتسام ثم هتف يناديها أحد أفراد المجموعة فانطلقت نحوه و انشغلوا في تقسيم الماعون الذي تم تجميعه طوال الأيام الفائتة من المتبرعين بين السيارات التي تم اختيارها كي تقودنا إلى الجبل، لم تكن سيارتي من بين تلك السيارات حيث فضلت تركها بالمرفأ لكونها عهدة من الشركة التي أعمل بها. قمنا بتقسيم أنفسنا بين السيارات و لم تكن هي في نفس السيارة التي كانت من نصيبي.

كانت القافلة متجهة إلى مدرسة نائية تقع في وسط الصحراء وتم اختيارها للزيارة و المساعدة بسبب شدة فقر مواردها و عدم اهتمام الدولة بها و لبعدها عن مساكن الأطفال المسجلين فيها، كان لموقعها دور في سوء أحوالها حيث الطرق شديدة التعرج و التلال كانت تقف حائلا بينها هي و القرية المجاورة لها و التي تسمى "الرقبة" من جهة و بقية الحقول و الامتداد السكاني من جهة أخرى. الهدف كان أن نمضي اليوم مع الأطفال كي نرفع من روحهم المعنوية ثم نعرج على الإدارة كي نرى كيف يمكن مساعدتهم في المستقبل.

بدأت رحلتنا على الطريق السريعة و كانت السحب قد بدأت في إرسال دفقات من الأمطار الخفيفة و لكن ذلك لم يحول دون رؤية المناطق الفارغة المرمرية في جسم السحب التي بدت و كأنها تلملم من نفسها استعداداً لما يبدو أنه أكثر من دفقات خفيفة. كانت "الرقبة" تبعد حوالي مائتي كيلومتر عن العاصمة في اتجاه الغرب التونسي و لم تكن تقع على الطريق الرئيسة بل اضطررنا إلى سلوك طريق آخر صغير فرعي يمتد وسط الحقول. بعد فترة من السير في هذا الطريق تكشف أمامنا منظر خلاب خطف حواسي عن كل ما حولها و حتى عن صوت فيروز التي كانت تشدو للقدس العتيقة.

كان الجبل أسمراً شامخاً وسط السحب و محاطاً ببعض التلال الصفراء و البنية التي تنم عن فقر الزرع و ندرته و كانت لحظة انكشافه مبهرة و بدت التلال المجاورة له و كأنها الخدم الساهر على خدمة سيده العليَ شأنه. منظر الجبل لم يوحي بأنه يوجد من يسكن أو يتعلم في ثناياه فهو من تلك الجبال التي تعتقد أنها وُجِدت فقط كي تكون نِداً للزمن و شاهداً عليه دون أن تنال منها أكثر من رؤيتها و التملي بجمالها.حاولت أن أحيط بهذا الجمال بكاميرتي الفوتوغرافية و لكني فشلت في قنص ذلك الجمال الذي تملكني و جاءت الصور منقوصة... و بدأت أفكر فيمن سيساعد من و تعجبت، أنساعدهم نحن بالماعون أم يساعدونا هم بالسماح لنا بالنظر إلى جنتهم.







انتهت الطريق الصغيرة و دلفنا إلى الصحراء و كنا لنزال على مسافة غير قليلة من "الرقبة" المختفية وراء الجبل، السيارات كانت تشكل صفاً يسير رويداً بسبب وعورة مسلكنا و على جانبنا سار عدد من الفلاحين ممتطين لدوابهم و قد غطوا رؤوسهم بقبعات من الخوص التي عرفت فيما بعد أنها من عادات الفلاح التونسي.رفع أحد الفلاحين بجوارنا يده مُرحباً و كأنما كنا مقبلين على باب داره فبادلناه التحية، و مضينا في طريقنا و أخذت الطريق ترتفع شيئاً فشيئاً فوق التلال إلى أن بدأنا نرى أطفال متشابكي الأيدي يسيرون في نفس الاتجاه و كانوا يصارعون وعورة الطريق بأقدام صغيرة و لكن بخفة و مهارة ثقلتها الخبرة فتارة يتقدمون بالقفز و العند و تارة بالتروي و تخير موطئ القدم. كدت أشعر بالأسف لقسوة الطريق على أجسامهم الصغيرة لكني فكرت أن الطريق الوعرة مدرسة في حد ذاتها و ربما ما يتعلموه فيها كل يوم هو أخير و أقيم مما نتعلمه نحن في مكاتبنا المكيفة. ظهر في الأفق مبنى أبيض (ناصع البياض في بعض أجزاؤه) يبدو عليه حداثة البناء على الرغم من الدهان المتهالك لبعض الحيطان. اقتربنا من البوابة و إذا بنا نجد جحافل من الطلبة خارجها و لاحظنا أن كلهم تقريباً من الأولاد و جميعهم أكبر سناً من أطفال المدرسة و عرفنا بعد ذلك أنهم من نفس القرية التي أتى منها الأطفال و لكنهم من المدرسة الإعدادية البعيدة عن هذا المكان و لكنهم أتوا بعد أن سمعوا بالزيارة ليظفروا ببعض الهدايا مع أخواتهم
الصغار.








كانت المدرسة من الداخل في شدة البساطة و لكنها كانت نظيفة، كانت مكونة من ثلاثة أضلاع متعامدة من المباني التي تحيط بحوش متسع يوجد في منتصفه هيكل أشبه بالنصب التذكاري و يرتفع فوقه علم تونس. المدرسة كانت في حضن الجبل و كانت رؤية التلال من المدرسة سهلة جداً (أيها التعساء الصغار... آه لو تدركوا الجمال الذي يحيط بكم... ستكبرون يوماً لتجروا جري الوحوش و تتنافسوا فيمن يخرج من هذه الجنة إلى جحيم العاصمة). كان معظم الأطفال في الفصول في انتظارنا و كنا قد بدأنا في سماع أصواتهم و رؤية وجوههم المطلة من الشبابيك و الأبواب و كانوا كحبات الهواء في الماء المغلي منتشرون في كل أنحاء المدرسة و في حراك مستمر، تحرك زملائي في اتجاه الفصول إلا أنني لم أذهب معهم و وجدتني سارحاً أتجول في المدرسة إلى أن أصبحت وحيداً و استوقفتني لوحة بليدة الشكل و لكن عظيمة المعنى مرسومة على أحد حوائط المبنى و كانت تقول:


"العلم يبني بيوتاً لا عماد لها ، و الجهل يهدم بيوت العز و الشرف"




كانت تلك أول مرة أقرأ فيها هذه المقولة و حتى الآن لا أعرف قائلها و لكني عجبت أني تعلمت شيئاً جديداً في تلك المدرسة البعيدة كل البعد عن مسار حياتي فصرت مثلي كمثل هؤلاء الأطفال و هم يقرءوها لأول مرة. أخذت أفكر في المقولة و شدة دقتها و تعبيرها عما نمر به و كأنما قد عرف قائلها بما سيحدث لنا يوما... ً و بينما أنا سارحاً مع أفكاري و متأملاً للحائط ذي المقولة إذا بها تربت على كتفي.. التفت إليها لأجد ابتسامة رقيقة قد ارتسمت على شفتيها....


- لماذا تقف وحدك؟

(أشرت إلى الحائط أمامي ثم نظرت إليها بطرف عيني و قلت)

- جميلة.. أليس كذلك؟

- من قائلها؟

- لا أدري

- هل ستبقى؟

- و لماذا أبقى في "الرقبة"؟

لمحت ذرات غضب في عينيها و توارت البسمة المعهودة ثم قالت في اقتضاب

- تفهم قصدي

- نعم أفهم

- حسناً... هل ستبقى؟

- لا توجد أرض عربية تستطيع أن تحتويني

- أغرور هذا أم ثقة زائدة بالنفس؟

- بل خوف من عذاب لا مفر منه إن بقيت

- أي عذاب؟

- ضيق التنفس... أتعرفينه؟

- نعم أعرفه.. أسبابه عندي تختلف.. و لكني بعد لم أفهم

- قسموا أرض العرب و لم تنتج القسمة عن جزء يكفيني فكلهن صغار عني...

فإما أن أبقى و أتعذب أو أرحل و أتنفس..

و أنتِ...

هل ستبقين؟

- مقاسها يناسبني

- ماذا تعنين؟

- لا أفضل الملابس الفضفاضة

- فهمت... و لكن ماذا ستفعلين؟

- أفتش في ثنايا تلك الأرض

- هي مليئة بالكنوز... حتى في حضن هذا الجبل.. أليس كذلك؟

- بلى

التفت إلى منظر التلال الماثلة أمامي و هي لازالت بجانبي و قد تبعتني عيناها و أحسست بأصابعها و قد لامست أصابعي في وهن قبل أن تسحبها لتزيح بعض من شعراتها المتطايرة على وجهها بفعل النسيم ثم مالت بشفتيها على أذني و همست..

- اختلفت الطرق و اتفقت المنى!

- قد نلتقي

- ربما... سأسأل عن أخبارك في كل حال

- لا أستطيع أن أعد بالمثل

نظرت إليَ باستغراب و قالت..

- و لم لا؟

- لست قارٍ بعد و لا أعرف متى أستقر و لا أين

- و ما يمنع المرتحل من الوصل؟

- أتعرفين حسن بن محمد الوزان؟

؟Jean-Leon de Medici-

- هو ذاك... و هو كذلك يوحنا الأسدي الأفريقي

- و ما صلته بسؤالك عتي؟

- أشعر أني سأنتهي على حاله..

ولد بمدينة و قذف منها إلى أخرى...

و ارتحل مجدداً... ثم سيق إلى أقصى الأرض..

فكثُرت أسماؤه و صفاته...

فتجدينه في بعض أنحاء المعمورة الغرناطي و بأخرى الفاسي..

و في أخرى الأفريقي...

و في ترحاله سُلِب حق الوصل..

حتى استقر حيث أسكن في "قمرت"

أخشى أن أصير مثله....

و الرحالة لا يملك وعده.

تدفقت من عينيها ملامح الحزن و سرعان ما فاضت على وجنتيها و شفتيها ثم رويداً تبدلت ملامحها فصارت أكثر دفئاً و قالت

- أتعرف ماذا كان يكفيه في ترحاله؟

- ماذا تعتقدين؟

L'amour, c'est suffisant-

لم تمنحني فرصة للاختلاف بل اقتربت مني في هدوء و مالت برأسها عليَ و أحسست بحرارة وجهها قرب أنفي و بملمس أصابعها فوق كتفي ثم أطبقت بشفتيها بقبلة على خدي و أحسست بطرف شفتيها و قد لامس طرف شفتاي عن دون قصد منها....

بنفس الهدوء تراجعت قليلاً حتى تلاقت عينانا لحيظات قليلة و لكنها كانت كافية لكل واحد منا كي يلقي للآخر بحبات وجده..

تركتني و انسحبت بهدوئها المعهود من محيطي (و حياتي) و وجدتني أرجع بنظري إلى الجبل و تلاله المحيطة و وددت لو أنه ضمني إلى حضنه الدفيء....



هممت بالعودة للمجموعة و لم يكن أحد قد لاحظ غيبتي و كانوا قد بدءوا يتوزعون على الفصول و في أثناء سيري فوجئت بشيء يصطدم بجسدي بقوة و اندفاع من الخلف، التفت خلفي في دهشة لألمح طفل لا يتعدى الخامسة من عمره يرتدي فانلة بيضاء و سترة كحلية و قد سقط على الأرض بفعل ارتطامه بي قبل أن يثب واقفاً و كأن شيئاً لم يكن ليعاود جريه. أمسكت به قبل أن يعاود الجري و كانت على وجهه ابتسامة المنتصر و تطل من عينيه علامات الذكاء الحاد و نظراته تنم عن فطرة عربية بدوية نمت في حضن هذا الجبل. سألته عن اسمه فجاوبني هاتفاً و قال "مالك" ثم حاول الفرار من بين يدي و كأنما يريد الهرب من شيء ما أو الإسراع لاقتناص شيء ما. كانت حركات يده و جسده تزخر بطاقة لا تُستنفذ و لم تستطع قبضتي أن تبقيه أكثر من ذلك حيث انطلق مجدداً ليرتطم تلك المرة بمدير المدرسة الذي ظننت أنه سيعاقبه و لكنه اكتفى لدهشتي بملاطفته و مداعبته قبل أن يدعه كي يذهب إلى فصله.



عندما لحقت بالمجموعة اكتشفت أنه تم توزيعي على فصل الأطفال الأصغر سنا و عند دخولي الفصل وجدته يموج بحركة عشوائية و الأطفال يصيحون بلا سبب و بلا توقف و أخذ بقية زملائي يحاولون تهدئتهم حتى يقوموا بتوزيع الهدايا عليهم. اقترح أحدنا أن نقوم برسم أشكال على السبورة و نسألهم عنها و نعطي لمن يجيب بالصواب أحد الهدايا و بالفعل بدأنا و كان من الواضح أن "مالك" و طفل آخر (أتضح فيما بعد أنه ابن ناظر المدرس) هما قائدا هذا الفصل فبعد أن جلسا و استقرا في درجيهما تبعهما بقية الفصل. بدأ الرسم و التخمين وقام زميلنا برسم شمس على السبورة و سألناهم عنها فهتف ابن الناظر أولا و تبعه الآخرون و هتفوا "سمشون" فصحح لهم زميلي قائلا " شمسٌ " فبدا الاستغراب على وجوههم الصغيرة قبل أن يعيدوا الكرة و يهتفوا "سمشون" و كأنما غير مقتنعين بما قلنا... أوقفتنا أحد بنات المجموعة و قالت إن الشمس تُعرف في تلك الأنحاء من تونس باسم "سمش" فصرنا نحن جهلاء "الرقبة". آثر زميلي السلامة و بدأ برسم الفواكه و الغلة حتى يضمن أكبر قدر من الاتفاق بيننا و بينهم و بدأ برسم بعض من أصابع الموز و على الفور صاح ابن الناظر ولحق به الآخرون "بناناتون" و كان عودٌ على بدء.




شعرت بالحنين للجلوس إلى الدرج و تذكرت أيام مدرسة الفرير بالكربة و در وجها التي احتضنتني و وجدتني أتجه نحو آخر الفصل لأجلس بأحد الدروج و إذا بالطفلتين الجالستين أمامي تلتفتان إليَ بابتسامة خجولة... حييتهما فإذا بهما تضحكان و تتهكمان على لهجتي الغريبة على أذنيهما، سألتهما عن اسميهما و قالتا "هالة" و "هناء"... رددت قائلا أنا "أحمد" فقالتا شنوا الأحوال سي أحمد.....









تركتهما للمسابقة و الجوائز و أخذت أفكر..


فكرت في كل تلك الثنايا التي تملأ تلك الأرض التي ورثناها..

أليست هي المصدر و الممول لتلك الحضارة؟

تحت كل ثنية أرض و في حضن كل جبل و وادٍ عالم كامل يزخر ببنات أفكار تلك الحضارة...

فإذا ظننا أنها صارت أرضاً بور فاجأتنا من حيث لا ندري بجديد مثري...

و تبدأ القصة من جديد....

إنها أرض تستحق الخدمة .... و العودة.



و كما قال أعرابي "غفلنا و لم يغفل الدهر عنا، فلم نتعظ بغيرنا، حتى وُعِظَ غيرُنا بنا، فقد أدركت السعادة من تنبه، و أدركت الشقاوة من غفَل، و كفى بالتجربة واعظاً"

القاهرة المقهورة

هذا هو المنظر من جامع قلاوون في وسط القاهرة. اطلال بيوت و بقايا حكايا لأسر بسيطة تركت منازلها

Tuesday, October 31, 2006

ناصر و مقاومة الإمبريالية بجامعة لندن


طالعتني أسوار جامعة لندن اليوم بمنظر لا أظن أن أحدا من جيلي قد عايشه قبل ذلك. منظر ذكرني بقصص الخمسينيات و الستينيات التي ألفت أن أسمعها من أبي و أمي و نبرات الشوق تتخلل صوتهما... وددت لو كانا معي و لكني لا أظن أنهما كانا سيغالبا الشوق فالشوق على المشتاق أغلب. ملصقات متناثرة على الأسوار تحمل صورة الرجل الذي طالما ألهب مشاعر المصريين... "ناصر" .... تطلعت حولي و فكرت.... أتلك كانت هيئة أسوار القاهرة في العهد الذي مضى؟
أما عن الملصقات فتلك حكايتها
يعلن حزب "رسبكت" بكلية العلوم الشرقية و الأفريقية بجامعة لندن عن محاضرة بعنوان
أزمة السويس....ناصر و مواجهة الإمبريالية
بعد مرور 50 عاما على الأزمة التي قزمت الإمبراطورية البريطانية و أكدت المكانة البطولية لناصر في العالم العربي نلقي نظرة على تلك الأحداث و على أوجه تطابق تلك الفترة مع الأحداث الجارية و أخيرا على ناصر و ذكراه
المتحدثون
المهندس كمال بيومي
فدائي بحرب السويس
الأستاذة آن ألكساندر
مؤلفة كتاب .... ناصر: قصة حياة
الأستاذ سامي رمضاني
محاضر و كاتب بجريدة الجاردين
و ذلك يوم الخميس الموافق 2 نوفمبر بقاعة الطلبة العامة بالكلية

Sunday, October 08, 2006

Hasta La Victoria Siempre!


Nasser & Guevara
both dead...
their ideas & hopes are still alive...
"The revolution is not an apple that falls when it is ripe. You have to make it fall."Guevara
الخائفون لا يصنعون الحرية و المترددون لن تقوى ايديهم المرتعشة على البناء"جمال عبد التاصر"

صرخة جيفارا
جيفارا مات..... جيفارا مات .....اخر خبر فى الراديوهات.......وفى الكنايس.......والجوامع وفى الحواري........والشوارع......وع القهاوي وع البارات ..... جيفارا مات واتمد حبل الدردشه......والتعليقاتمات المناضل المثال ياميت خسارة على الرجال مات الجدع فوق مدفعة جوه الغابات جسد نضالة بمصرعه......ومن سكات .. لا طبالين يفرقعوا.....ولا اعلانات ما رايكم دام عزكم ياانتيكات يا غرقانين فى المأكولات...والملبوسات يا دافيانين......ومولعين الدفايات يا محفلطين يا ملمعين.....يا جيمسنات يا بتوع نضال اخر زمن فى العوامات...ما رايكم دام عزكم جيفارا مات لاطنطنة...ولا شنشنه ولا اعلامات واستعلامات عينى عليه ساعه القضا ** من غير رفاقه تودعه يطلع انينه للفضا يزعق...ولا مين يسمعه.. يمكن صرخ من الالم من لسعه النار ف الحشا يمكن ضحك...او ابتسم او ارتعش....او انتشى يمكن لفظ اخر نفس كلمه وادع....لجل الجياع يمكن وصيه...للى حاضنين القضيهفى الصراع....صور كتير ملو الخيال....والف مليون احتمال لكن اكيد....اكيد اكيد ولاجدال...جيفارا مات موتة رجال ياشغالين ومحرومين يا مسلسلين رجلين وراس خلاص خلاص....مالكوش خلاص غير بالبنادق والرصاص..دا منطق العصر السعيد عصر الزنوج والامريكان...الكلمه للنار والحديد والعدل اخرس او جبان...صرخه جيفار يا عبيد في اى موطن او مكان مافيش بديل مافيش مناص...يا تجهزوا جيش الخلاص يا تقولوا على العالم خلاص

أحمد فؤاد نجم..1967

Wednesday, August 30, 2006

Farewell...

"You can tell whether a man is clever by his answers. You can tell whether a man is wise by his questions.” Naguib Mahfouz
His imaginary characters imposed themselves as a reality on my life... umm... 'imposed' is not the right word... i happily embrassed them into my world... or maybe they embrassed me to their world... actually i can no longer differentiate between my world and their world..... i saw myself residing within all his stories and his characters belonged to the world around me. His words filled many gaps in my vocabulary, his sentences carried the essence of my relationship with Egypt's air... with its soil... with its buildings...
i lost a teacher....
a teacher of life... of history... and of humanity...
Send a note of appreciation and admiration to the family that helped this man nourish us with his words, thoughts, and dreams. If you feel there is something you want to tell them or there is something you want to thank them for -wherever you're living and whatever your nationality is- then put your note as a comment below before the 15th of September and it will be sent as part of a letter from all those who are thankful for his family for helping him give us the best of his intellect. This is the very least we could do.
Please include your email in the note to be notified upon the delivery of the letter.