أسرى الكلمات
أسرى الكلمات: الهدف من هذا الباب هو إلقاء الضوء على كلمات, عبارات, و تعبيرات انتشرت بيننا انتشار النار في الهشيم. تلك العبارات تحمل الكثير من القيم و المبادئ المغايرة و المتناقضة مع موروثاتنا الثقافية و الأخلاقية و الدينية. و كأي شيء يُقال على لسان المرء لفترات طويلة و مستمرة كان لهذه "الكلمات" تأثيرا مباشرا على نفسيتنا و تصرفاتنا العملية , مما أبعدنا مع الزمن عن إنجازات حضارتنا الفكرية التي ارتبطت بالقيم التي هاجمتها تلك "الكلمات".
"كلمات" قد يرى البعض أنها لا تضير أو على الأقل لا تستحق عناء البحث و التحليل و لكنها كان لها تأثير "المخدر" على ما تبقى من وعينا بقيمنا و مبادئنا.
فلنرى كيف كان لتلك الكلمات تأثيرا مباشرا و فعليا على سلوكياتنا و لنحاول أن نكتشف كيف أن تجنب استخدام تلك "الكلمات" سيكون له رد فعل مباشر على رؤيتنا للحياة و معالجتنا لمشاكلنا و تحقيقنا لأهدافنا.
العبارة الأولى: "المؤمن مُصاب" أو بالتعبير الدارج "المؤمن مِِِِنصاب".
كم من مرة كنت اسمع تلك العبارة في أفلامنا, مسلسلاتنا, و تجمعاتنا العائلية و أحاول أن افهم ما تعنيه و تقصده. توصلت إلى أن مجتمعنا و بيئتنا أرادت أن تصور الشخص المؤمن (و لنقل المؤمن هو الملتزم بدينه و المحافظ على مبادئه و الملتزم بمكارم الأخلاق) في حالة دفاع متواصل عن نفسه ضد قوى الشر التي تحيط به من كل جانب و التي تحاول النيل منه هو و مبادئه من اجل نصرة الشر. "مُصاب" جعلت من "المؤمن" الشخص "المجروح" "المنكسر" الذي عانى الويلات على أيدي تلك الشرور التي تحيق به, كيف لا و هو المدافع عن الحق المستمسك بمبادئه بالرغم من تلك المصاعب غير الهينة. غالبا ما كانت تلك العبارة تُقال في الأفلام أو حتى في تجمعاتنا العائلية بعد سماع قصة عن شخص (شاب أو شيخ, غني أو فقير) "غلبان" و "طيب" قد تلطَمَتَه الدنيا و تعرض له "أولاد الحرام" و تسببوا في قطع رزقه أو تشويه سمعته أو أي ضرر آخر تَسَبَب في "كسره" و "ذُله".
تركيبة تلك العبارة ومواضع استخدامها في مناقشاتنا خلقت نوع من "الرابطة" بين "المؤمن" و "الضعف" و حالة "الدفاع عن النفس" و روح "المذلة" أو بصورة أكثر بساطة جعلت من المؤمن (غنيا أو فقيرا) شخص "غلبان" أو شخص "لا حول له و لا قوة" يحاول قدر المستطاع التكيف مع تلك الدنيا "الحقيرة" "الشريرة" و تجنب "مقالبها" و العثور لنفسه على "ركن صغير" بعيدا عن تلك الحياة المضطربة يحتمي فيه من مخاطرها و يحافظ فيه على مبادئه و أخلاقه من الضياع و التعرض لشرور تلك "الحياة اللئيمة".
يبدو ذلك مبالغا كثيرا... أليس كذلك؟ بلى و لكنها الحقيقة و ما هو آتِ أنكى و أكثر غرابة فنمونا و ترعرعنا في بيئة تستخدم تلك العبارة البسيطة بصورة متكررة له ابلغ التأثير على إدراكنا للأشياء و المواقف فما هي "الكلمات" إلا "اللغة" و ما هي "اللغة" إلا "التواصل" و "الحضارة" و "الفكر". فلو كانت "الكلمات" و "العبارات" منحطة كان "الفكر" منحطا تالفا غير قادر على الإبداع و مواجهة مصاعب و تحديات حامله. فلو استخدمنا المنطق لبرهة لنرى كيف يمكن أن تؤثر تلك "العبارة البسيطة" على سلوك الأطفال عند سماعهم لها على أفواه الآباء و الممثلين, فالطفل سيتعلم نتيجة للتكرار و بطريقة طبيعية تجنب مواقف و سلوكيات الضعف و سيحاول تعلم و التشبه بسلوكيات "القوة" و لما كان "المؤمن مُصاب" فمن البديهي أن يريد قدر المستطاع أن يبتعد عن كل ما يمكن أن يقربه أو يوقع به في شرك "المؤمن" (الذي من الممكن أن يجعل منه مُطارد بقية حياته من قوى الشر). عبارة صغيرة و بسيطة مثل تلك استطاعت عن طريق ديمومة استخدامها و تنوع مواقفها أن تحول "قيمة جميلة" في حضارتنا إلى "نقمة" و بدلا من أن تحفزنا لنتصف "بالمبادأة" و "القوة" و "الإبداع" دفعتنا إلى الخنوع و اللجوء إلى "الركن" أو "الكهف" الآمن الذي نحمي فيه أنفسنا و مبادئنا, و أصبحت "القوة" و "الشر" وجهان لعملة واحدة بعدما كان "المؤمن القوي خير و أحب لله من المؤمن الضعيف".
لنتصور الآن تصرفات الشخص الذي يرى الدنيا من منظور "المؤمن مُصاب", فلو إفترضنا أن هذا الشخص يرى نفسه على أنه "مؤمن" أو لنقل "ذو مبادئ و أخلاق تتفق مع مجتمعنا" فستجده متوقعا لأن يكون "نقطة جذب" لشرور المجتمع و بالتالي سيكون متوقعا "للإصابة" و ستكون شيئا مألوفا و مقبولا بالنسبة له فهي نتيجة طبيعية للإيمان و بدلا من أن تكون الهزيمة أو الإصابة هي الاستثناء تصبح هي النتيجة المتوقعة و بالتالي يقل الاهتمام بتلافي الإصابة فهي نتيجة محتومة و مؤكدة و هي "ضريبة الإيمان". هذا الاعتقاد بالطبع هو كلام فارغ و غير صحيح و هو تبرير الضعفاء لضعفهم و المغفلين لغفلتهم ف"المؤمن" أو "ذي المبادئ" مدفوع بقيمه, قوي بمبادئه, صلب بمحاولاته الدائمة للوصول لهدفه.
الأخطر من ذلك هو الوجه الآخر لل"مؤمن مُصاب" فإن تلك الفرضية تحتم أيضا أن "اللئيم سالم" فهو القادر على إصابة المؤمن و الحد من قوته. إن تلك الفرضية في مجتمع يشجع مبدأ "المؤمن مُصاب" تمثل مصدر جذب لذوي النفوس الضعيفة للتحلي بتلك "القوة الزائفة" الناجمة عن اللؤم و بدلا من أن نشجع أفرادنا على التمسك بالمبادئ السليمة نجد أن المجتمع يدفعهم إلى تلك "القوة الزائفة" و يحذرهم من "العواقب" و "الإصابات" المترتبة على التمسك بالمبادئ. كما سبق أن أُشير فإن انقلاب الموازين يؤدي إلى "فساد الفكر" و هو أول خطوة في طريق الهلاك و بعد أن كنا قوما قال احدهم "العلم يبني بيوتا لا عماد لها و الجهل يهدم بيوت العز و الشرف" نكون الآن أجهل الناس بقيمنا و مصادر قوتنا.
لنتخيل الآن التخلي عن منظور "المؤمن مُصاب" و العودة إلى سابق عهدنا من "الاستماتة" في سبيل الوصول إلى أهدافنا و الوقوف في وجه من يحاول المساس بقيمنا و عدم تقبل "الإصابة" على أنها نتيجة طبيعية و حتمية للعمل الجدي الموجه لهدف مقبول. بالتأكيد ستقل "الإصابات", لن تنتهي بالطبع فالإنسان ليس معصوما من الخطأ و لكن تلك "الإصابات" ستتحول بتغير "المنظور" إلى "دروس" تكون دافعا "للابتكار". هذه نقطة شديدة الأهمية فالإصابة في حد ذاتها ليست خطيئة و لكن الإصابة حين تحدث في بيئة "المؤمن مُصاب" فهي النهاية الطبيعية لذلك "المختل" الذي تمسك بالمبادئ (و تلك هي الخطيئة) أما "الإصابة" في بيئة "الإيمان مصدر القوة" فهي "الدافع" للاستمرار و قبول التحدي.
"كلمات" قد يرى البعض أنها لا تضير أو على الأقل لا تستحق عناء البحث و التحليل و لكنها كان لها تأثير "المخدر" على ما تبقى من وعينا بقيمنا و مبادئنا.
فلنرى كيف كان لتلك الكلمات تأثيرا مباشرا و فعليا على سلوكياتنا و لنحاول أن نكتشف كيف أن تجنب استخدام تلك "الكلمات" سيكون له رد فعل مباشر على رؤيتنا للحياة و معالجتنا لمشاكلنا و تحقيقنا لأهدافنا.
العبارة الأولى: "المؤمن مُصاب" أو بالتعبير الدارج "المؤمن مِِِِنصاب".
كم من مرة كنت اسمع تلك العبارة في أفلامنا, مسلسلاتنا, و تجمعاتنا العائلية و أحاول أن افهم ما تعنيه و تقصده. توصلت إلى أن مجتمعنا و بيئتنا أرادت أن تصور الشخص المؤمن (و لنقل المؤمن هو الملتزم بدينه و المحافظ على مبادئه و الملتزم بمكارم الأخلاق) في حالة دفاع متواصل عن نفسه ضد قوى الشر التي تحيط به من كل جانب و التي تحاول النيل منه هو و مبادئه من اجل نصرة الشر. "مُصاب" جعلت من "المؤمن" الشخص "المجروح" "المنكسر" الذي عانى الويلات على أيدي تلك الشرور التي تحيق به, كيف لا و هو المدافع عن الحق المستمسك بمبادئه بالرغم من تلك المصاعب غير الهينة. غالبا ما كانت تلك العبارة تُقال في الأفلام أو حتى في تجمعاتنا العائلية بعد سماع قصة عن شخص (شاب أو شيخ, غني أو فقير) "غلبان" و "طيب" قد تلطَمَتَه الدنيا و تعرض له "أولاد الحرام" و تسببوا في قطع رزقه أو تشويه سمعته أو أي ضرر آخر تَسَبَب في "كسره" و "ذُله".
تركيبة تلك العبارة ومواضع استخدامها في مناقشاتنا خلقت نوع من "الرابطة" بين "المؤمن" و "الضعف" و حالة "الدفاع عن النفس" و روح "المذلة" أو بصورة أكثر بساطة جعلت من المؤمن (غنيا أو فقيرا) شخص "غلبان" أو شخص "لا حول له و لا قوة" يحاول قدر المستطاع التكيف مع تلك الدنيا "الحقيرة" "الشريرة" و تجنب "مقالبها" و العثور لنفسه على "ركن صغير" بعيدا عن تلك الحياة المضطربة يحتمي فيه من مخاطرها و يحافظ فيه على مبادئه و أخلاقه من الضياع و التعرض لشرور تلك "الحياة اللئيمة".
يبدو ذلك مبالغا كثيرا... أليس كذلك؟ بلى و لكنها الحقيقة و ما هو آتِ أنكى و أكثر غرابة فنمونا و ترعرعنا في بيئة تستخدم تلك العبارة البسيطة بصورة متكررة له ابلغ التأثير على إدراكنا للأشياء و المواقف فما هي "الكلمات" إلا "اللغة" و ما هي "اللغة" إلا "التواصل" و "الحضارة" و "الفكر". فلو كانت "الكلمات" و "العبارات" منحطة كان "الفكر" منحطا تالفا غير قادر على الإبداع و مواجهة مصاعب و تحديات حامله. فلو استخدمنا المنطق لبرهة لنرى كيف يمكن أن تؤثر تلك "العبارة البسيطة" على سلوك الأطفال عند سماعهم لها على أفواه الآباء و الممثلين, فالطفل سيتعلم نتيجة للتكرار و بطريقة طبيعية تجنب مواقف و سلوكيات الضعف و سيحاول تعلم و التشبه بسلوكيات "القوة" و لما كان "المؤمن مُصاب" فمن البديهي أن يريد قدر المستطاع أن يبتعد عن كل ما يمكن أن يقربه أو يوقع به في شرك "المؤمن" (الذي من الممكن أن يجعل منه مُطارد بقية حياته من قوى الشر). عبارة صغيرة و بسيطة مثل تلك استطاعت عن طريق ديمومة استخدامها و تنوع مواقفها أن تحول "قيمة جميلة" في حضارتنا إلى "نقمة" و بدلا من أن تحفزنا لنتصف "بالمبادأة" و "القوة" و "الإبداع" دفعتنا إلى الخنوع و اللجوء إلى "الركن" أو "الكهف" الآمن الذي نحمي فيه أنفسنا و مبادئنا, و أصبحت "القوة" و "الشر" وجهان لعملة واحدة بعدما كان "المؤمن القوي خير و أحب لله من المؤمن الضعيف".
لنتصور الآن تصرفات الشخص الذي يرى الدنيا من منظور "المؤمن مُصاب", فلو إفترضنا أن هذا الشخص يرى نفسه على أنه "مؤمن" أو لنقل "ذو مبادئ و أخلاق تتفق مع مجتمعنا" فستجده متوقعا لأن يكون "نقطة جذب" لشرور المجتمع و بالتالي سيكون متوقعا "للإصابة" و ستكون شيئا مألوفا و مقبولا بالنسبة له فهي نتيجة طبيعية للإيمان و بدلا من أن تكون الهزيمة أو الإصابة هي الاستثناء تصبح هي النتيجة المتوقعة و بالتالي يقل الاهتمام بتلافي الإصابة فهي نتيجة محتومة و مؤكدة و هي "ضريبة الإيمان". هذا الاعتقاد بالطبع هو كلام فارغ و غير صحيح و هو تبرير الضعفاء لضعفهم و المغفلين لغفلتهم ف"المؤمن" أو "ذي المبادئ" مدفوع بقيمه, قوي بمبادئه, صلب بمحاولاته الدائمة للوصول لهدفه.
الأخطر من ذلك هو الوجه الآخر لل"مؤمن مُصاب" فإن تلك الفرضية تحتم أيضا أن "اللئيم سالم" فهو القادر على إصابة المؤمن و الحد من قوته. إن تلك الفرضية في مجتمع يشجع مبدأ "المؤمن مُصاب" تمثل مصدر جذب لذوي النفوس الضعيفة للتحلي بتلك "القوة الزائفة" الناجمة عن اللؤم و بدلا من أن نشجع أفرادنا على التمسك بالمبادئ السليمة نجد أن المجتمع يدفعهم إلى تلك "القوة الزائفة" و يحذرهم من "العواقب" و "الإصابات" المترتبة على التمسك بالمبادئ. كما سبق أن أُشير فإن انقلاب الموازين يؤدي إلى "فساد الفكر" و هو أول خطوة في طريق الهلاك و بعد أن كنا قوما قال احدهم "العلم يبني بيوتا لا عماد لها و الجهل يهدم بيوت العز و الشرف" نكون الآن أجهل الناس بقيمنا و مصادر قوتنا.
لنتخيل الآن التخلي عن منظور "المؤمن مُصاب" و العودة إلى سابق عهدنا من "الاستماتة" في سبيل الوصول إلى أهدافنا و الوقوف في وجه من يحاول المساس بقيمنا و عدم تقبل "الإصابة" على أنها نتيجة طبيعية و حتمية للعمل الجدي الموجه لهدف مقبول. بالتأكيد ستقل "الإصابات", لن تنتهي بالطبع فالإنسان ليس معصوما من الخطأ و لكن تلك "الإصابات" ستتحول بتغير "المنظور" إلى "دروس" تكون دافعا "للابتكار". هذه نقطة شديدة الأهمية فالإصابة في حد ذاتها ليست خطيئة و لكن الإصابة حين تحدث في بيئة "المؤمن مُصاب" فهي النهاية الطبيعية لذلك "المختل" الذي تمسك بالمبادئ (و تلك هي الخطيئة) أما "الإصابة" في بيئة "الإيمان مصدر القوة" فهي "الدافع" للاستمرار و قبول التحدي.
1 Comments:
:) أدعوك لقراءة "بقلم عبد الرحمن الكواكبي" على مدونتي ...
Post a Comment
Subscribe to Post Comments [Atom]
<< Home